Quantcast
 

في علاج لدغة العقرب بالرُّقْيَة

 
 

في علاج لدغة العقرب بالرُّقْيَة


Share Instagram print article
 

الطب النبوي

روى ابن أبى شَيْبَةَ فى ((مسنده)) ، من حديث عبد الله بن مسعود ، قال : بينا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصلِّى ، إذ سجد فَلَدَغَتْه عقربٌ فى أُصبعه ، فانصرفَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وقال : لَعَنَ اللهُ العَقْرَبَ ما تَدَعُ نبيّاً ولا غَيْرَه ، قال : ثُمَّ دعا بإناءٍ فيه ماء ومِلح ، فَجَعَلَ يَضَعُ موضِعَ اللَّدغة فى الماء والمِلحِ ، ويقرأُ : {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ، والمُعَوِّذَتَيْن} حتى سكنتْ .

 

ففى هذا الحديث العلاجُ بالدواء المركَّب مِنَ الأمرين : الطبيعىِّ والإلهىِّ ، فإنَّ فى سورة الإخلاص مِن كمال التوحيد العِلمى الاعتقادى ، وإثبات الأحَدِيَّة للهِ ، المستلزِمة نفىَ كُلِّ شركة عنه ، وإثباتِ الصَّمديَّةِ المستلزمةِ لإثبات كُلِّ كمال له مع كونِ الخلائق تَصمُدُ إليه فى حوائجها ، أى : تقصِدُه الخليقةُ ، وتتوجه إليه، عُلويُّها وسُفليُّها ، ونفى الوالد والولد ، والكُفْءِ عنه المتضمن لنفى الأصل، والفرع والنظير ، والمماثل مما اختصَّت به وصارت تعدِلُ ثُلُثَ القرآن ، ففى اسمه ((الصمد)) إثباتُ كل الكمال ، وفى نفى الكُفْءِ التنزيهُ عن الشبيه والمثال . وفى ((الأحد)) نفىُ كُلِّ شريك لذى الجلال ، وهذه الأُصول الثلاثة هى مجامعُ التوحيد .

وفى المعوِّذتين الاستعاذةُ مِن كل مكروه جملةً وتفصيلاً ، فإنَّ الاستعاذَة مِن شَرِّ ما خلق تَعُمُّ كُلَّ شَرٍّ يُستعاذ منه ، سواء أكان فى الأجسام أو الأرواح ، والاستعاذَةَ مِن شَرِّ الغاسق وهو اللَّيل ، وآيتِهِ وهو القمر إذا غاب ، تتضمن الاستعاذةَ مِن شَرِّ ما ينتشِرُ فيه من الأرواح الخبيثة التى كان نورُ النهار يحولُ بينها وبين الانتشار ، فلما أظلم الليل عليها وغاب القمرُ ، انتشرت وعاثت .

والاستعاذة مِن شَرِّ النفاثات فى العُقد تتضمن الاستعاذة من شَرِّ السواحر وسِحرهن .

والاستعاذة مِن شَرِّ الحاسد تتضمن الاستعاذَة مِن النفوس الخبيثة المؤذية بحسدها ونظرها .

 والسورةُ الثانية : تتضمن الاستعاذة مِن شَرِّ شياطين الإنس والجن ، فقد جمعت السورتان الاستعاذة من كُلِّ شَرٍّ ، ولهما شأنٌ عظيم فى الاحتراس والتحصن من الشرور قبل وقوعها ، ولهذا أوصى النبىُّ صلى الله عليه وسلم عُقبةَ بن عامر بقراءتهما عَقِبَ كُلِّ صلاةٍ ، ذكره الترمذىُّ فى ((جامعه)) وفى هذا سِرٌ عظيم فى استدفاع الشرورِ من الصلاة إلى الصلاة . وقال : ما تَعَوَّذ المتعوِّذون بمثلهما . وقد ذُكر أنه صلى الله عليه وسلم سُحِرَ فى إحدى عشرةَ عُقدة ، وأنَّ جبريلَ نزل عليه بهما ، فجعَلَ كُلَّما قرأ آية منهما انحلَّتْ عُقدة ، حتى انحلَّتْ العُقَد كُلُّها ، وكأنما أُنْشِطَ من عِقَال .

وأما العلاج الطبيعى فيه ، فإنَّ فى المِلح نفعاً لكثير من السُّموم ، ولا سِيَّما لدغة العقرب ، قال صاحب ((القانون)) : يُضمَّد به مع بذر الكتان للسع العقرب ، وذكره غيرُه أيضاً . وفى المِلح من القوة الجاذبة المحلِّلة ما يَجذِبُ السُّموم ويُحللها ، ولَمَّا كان فى لسعها قوةٌ نارية تحتاج إلى تبريد وجذب وإخراج جمع بين الماءِ المبرد لنار اللَّسعة ، والمِلح الذى فيه جذبٌ وإخراج ، وهذا أتم ما يكون من العلاج وأيسره وأسهله ، وفيه تنبيه على أنَّ علاج هذا الداء بالتبريد والجذب والإخراج .. والله أعلم .

وقد روى مسلم فى ((صحيحه)) عن أبى هُريرة قال : جاء رجلٌ إلى النبىِّ صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ؛ ما لقيتُ مِنْ عقربٍ لَدَغْتنى البارحةَ فقال : ((أما لو قُلْتَ حِينَ أمْسَيْتَ : أعُوذُ بكلماتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ ،لم تَضُرَّك)) .

واعلم أنَّ الأدوية الطبيعية الإلهية تنفعُ مِن الداء بعد حصوله ، وتمنَعُ من وقوعه ، وإن وقع لم يقع وقوعاً مضراً ، وإن كان مؤذياً ، والأدوية الطبيعية إنما تنفعُ ، بعد حصول الداء ، فالتعوُّذاتُ والأذكار ، إما أن تمنعَ وقوعَ هذه الأسباب ، وإما أن تحولَ بينها وبين كمالِ تأثيرها بحسب كمال التعوذ وقوته وضعفه ، فالرُّقَى والعُوَذ تُسْتَعمل لحفظ الصحة ، ولإزالة المرض ، أما الأول : فكما فى ((الصحيحين)) من حديث عائشة كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشِهِ نَفَثَ فى كَفَّيْهِ : {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ والمُعَوِّذَتَيْن . ثم يمسحُ بهما وجهه ، وما بلغت يدُه من جسده}.

وكما فى حديث عُوذة أبى الدرداء المرفوع : ((اللَّهُمَّ أنت رَبِّى لا إله إلا أنت عليكَ تَوَكَّلْتُ وأنتَ رَبُّ العَرْشِ العظيم)) ، وقد تقدَّم وفيه : ((مَن قالها أوَّل نهارِهِ لم تُصِبْهُ مُصيبة حتى يُمسى ، ومَن قالها آخر نهارِهِ لم تُصِبْه مُصيبةٌ حتى يُصْبِح)) .

وكما فى ((الصحيحين)) : ((مَن قَرَأَ الآيَتَيْن مِن آخرِ سُورةِ البقرةِ فى لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ)) .

وكما فى ((صحيح مسلم)) عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم : ((مَن نَزَلَ مَنْزِلاً فقال : أَعُوذُ بكلمات ِاللهِ التَّامَّاتِ مِن شرَِّ ما خَلَقَ ، لم يَضُرَّهُ شَىءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِن مَنْزِلهِ ذلِكَ)) .

وكما فى ((سنن أبى داود)) أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان فى السفر يقول باللَّيل :((يا أرضُ ؛ رَبِّى ورَبُّكِ اللهُ ، أَعُوذُ باللهِ مِن شَرِّكِ وشَرِّ ما فِيكِ ، وشَرِّ ما يَدُبُّ عليكِ ، أعوذُ باللهِ مِن أسَدٍ وأسْوَدٍ ، ومِن الحَيَّةِ والعقربِ ، ومِن ساكنِ البَلَدِ ، ومن والدٍ وما وَلَدَ)) .

وأما الثانى : فكما تقدَّم من الرُّقية بالفاتحة ، والرُّقية للعقرب وغيرها مما يأتى .

 
 

نتمنى مشاركة اصدقائك الموضوع في حال اعجبك
Share Instagram print article

مواضيع أخرى