Quantcast
 

فى أمر العائن بغسل مَغابنِهِ وأطرافه وداخِلَةِ إزاره

 
 

فى أمر العائن بغسل مَغابنِهِ وأطرافه وداخِلَةِ إزاره


Share Instagram print article
 

الطب النبوي

ومنها : أن يُؤمر العائِنُ بغسل مَغابنِهِ وأطرافه وداخِلَةِ إزاره ، وفيه قولان ؛ أحدهما : أنه فرجُه . والثانى : أنه طرفُ إزاره الداخل الذى يلى جسدَه من الجانب الأيمن ، ثم يُصَبُّ على رأس المَعِين مِن خلفه بغتة ، وهذا مما لا ينالُه عِلاجُ الأطباء ، ولا ينتفِعُ به مَن أنكره ، أو سَخِرَ منه ، أو شَكَّ فيه ، أو فعله مجرِّباً لا يعتقد أنَّ ذلك ينفعُه .

وإذا كان فى الطبيعة خواصٌ لا تَعْرِفُ الأطباءُ عِلَلَها ألبتةَ ، بل هى عندهم خارجةٌ عن قياس الطبيعة تفعل بالخاصِّية ، فما الذى يُنكره زنادقتهم وجهلتُهم من الخواص الشرعية ، هذا مع أنَّ فى المعالجة بهذا الاستغسال ما تشهدُ له العقولُ الصحيحة ، وتُقِرُّ لمناسبته ، فاعلم أنَّ تِرياق سُمِّ الحيَّة فِى لحمها ، وأنَّ علاجَ تأثير النفس الغضَبية فى تسكين غضبها ، وإطفاء ناره بوضع يَدِكَ عليه ، والمسح عليه ، وتسكينِ غضبه ، وذلك بمنزلة رجل معه شُعلة من نار ، وقد أراد أن يَقذِفَك بها ، فصبِبِتَ عليها الماء ، وهى فى يده حتى طُفئتْ ، ولذلك أُمِرَ العائِنُ أن يقول : ((اللَّهُمَّ بارِكْ عَلَيْه)) ليدفع تلك الكيفية الخبيثة بالدعاء الذى هو إحسانٌ إلى المَعِين ، فإنَّ دواء الشىء بضِدِّه . ولما كانت هذه الكيفيةُ الخبيثة تظهر فى المواضِع الرقيقة من الجسد ، لأنها تطلب النفوذَ ، فلا تجد أرقَّ مِن المغابن ، وداخِلَةِ الإزار ، ولا سِيَّما إن كان كنايةً عن الفَرْج ، فإذا غُسِلَتْ بالماء ، بطل تأثيرها وعملها ، وأيضاً فهذه المواضع للأرواح الشيطانية بها اختصاص .

والمقصود : أنَّ غسلها بالماء يُطفىء تلك النارية ، ويَذهبُ بتلك السُّمِّية .

وفيه أمر آخر ، وهو وُصول أثرِ الغسل إلى القلب من أرقِّ المواضع وأسرعها تنفيذاً ، فيُطفىء تلك النارية والسُّمِّية بالماء ، فيشفى المَعِين ، وهذا كما أنَّ ذواتِ السموم إذا قُتِلت بعد لَسعها ، خَفَّ أثرُ اللسعة عن الملسوع ، ووَجد راحة ، فإن أنفسَها تمدُّ أذاها بعد لَسعها ، وتُوصِله إلى الملسوع . فإذا قُتِلَتْ ، خَفَّ الألم ، وهذا مُشَاهَد . وإن كان من أسبابه فرحُ المَلسوع ، واشتفاءُ نفسه بقتل عدوِّه ، فتقوى الطبيعة على الألم ، فتدفعه .

وبالجملة  غسل العائن يُذهِبُ تلك الكيفية التى ظهرت منه ، وإنما ينفع غسلُه عند تكيُّفِ نفسه بتلك الكيفية .

فإن قيل : فقد ظهرت مناسبةُ الغسل ، فما مناسبةُ صبِّ ذلك الماء على المَعِين ؟

قيل : هو فى غاية المناسبة ، فإنَّ ذلك الماء ماء طُفىء به تلك النارية ، وأبطل تلك الكيفية الرديئة من الفاعل ، فكما طُفئت به النارية القائمة بالفاعِل طُفئت به ، وأبطلت عن المحل المتأثر بعد ملابسته للمؤثر العائِن ، والماءُ الذى يُطفأ به الحديدُ يدخُل فى أدوية عِدَّة طبيعية ذكرها الأطباء ، فهذا الذى طُفىء به نارية العائِن ، لا يُستنكر أن يدخل فى دواء يُناسب هذا الداء .

وبالجملة  فطب الطبائعية وعلاجُهم بالنسبة إلى العلاج النبوىِّ ، كطب الطُّرقية بالنسبة إلى طبهم ، بل أقل ، فإنَّ التفاوتَ الذى بينهم وبين الأنبياء أعظمُ ، وأعظمُ من التفاوت الذى بينهم وبين الطُّرقية بما لا يُدرِكُ الإنسان مقداره ، فقد ظهر لك عقدُ الإخاء الذى بين الحِكمة والشرع ، وعدمُ مناقضة أحدهما للآخر ، واللهُ يهدى مَن يشاء إلى الصواب ، ويفتحُ لمن أدام قرعَ باب التوفيق منه كُلَّ باب ، وله النعمة السابغة ، والحُجَّة البالغة .

 
 

نتمنى مشاركة اصدقائك الموضوع في حال اعجبك
Share Instagram print article

مواضيع أخرى